فى رُكنٍ بعيد
ذو إضاءة خافتة
كانت تجلس
ومعها الهارْب خاصّـتها
تعزِف عليه أعذب الألحان لمَن بالحفل
وهم يستمِعون ويتراقَصون
وبالعزف مستمتـِعون
جَـلَسَت وحدها
هاربةً من الحفلِ الكبير
غير مُبالية بما يدورُ حولها
فقط تعيش لحظتها
تـُحاول بكل طاقتِها إسعاد نفسِها
بـ إسعاد الآخريين
وكعادة البشر وسَط هذا الصَخَب العارم
يلتفت أحدهم لمن تجلس وحيدة
ويتوجّه نحوها ب ثقة وهدوء
وفجأة تراه أمامها
تتسع عيناها
وتبدو على ملامحها الدهشة
فهو وكأنه نصفها الآخر
شَعَرَتْ بهذا من أول لحظة
مد يدَه إليها يطلُبُها للرقص
إحمرّت وجنتاها خجلآ
واحتارت .. هل تفعل ؟؟
شعر بحيرتها فاأقترب منها أكثر
بخُطآ واثقة ثابتة
هكذا بدا لها ..
توقّفت عن العزف
وتركَت الهارب جانبآ
وقامت تتجه نحوه
بدت غير مُعتادة على تلك الرقصة
فأخذ بيدها وجذبها نحوه ب رقة
راح يُكلِّمها بعينيه
يغازلها بنظراته
يحنو عليها بلمساته
شعرت بأنفاسه دافئة على وجهها
يداه يملكونها بـ رغبتها
لا تدرى منهم مهربآ
ولا تـُريد عن عيناه أن تبتَعِدَ
كانا يتمايلان برقصتهما
غير مبالين بمن حولهما
خطواتهما ثابتــة
حركاتهما متناسقة
إيمائتهما محتشمة
ظل يلف بها القاعة المتّسعة
كطير يرفرف فى قمة سعادته
وعيناها لا تلتفت عنه
طمأنها بحنانه
غمرها باهتمامه
فــ نسَت كل ما حولها
لكنها لم تتـُـه
لم تغـِـب عن وعيها
بل أخيرآ عَرِفت مكانآ لـ خطواتها
فـ هو معها
يمسك بيدها ويوجهها لطريقِها
ولكـِــــــــن ..
.
.
فجأة تتسارع الموسيقى
ويعلو الصخَب
تتلاحق خطواته بها
يلتفا ويلتفا وتشتد قبضته عليها
ووسط رؤية ضبابية
يُلقى بها بعيدآ
بل يطرُدها خارج حُـضنه
يقذِفُ بها لمقعدِها مرّة أخرى
بجانب هارْبها المُزخرف
لكن هذه المرة
بلا ألحان
وفى ركنٍ
شديد الظلام
يترُكُهــــــا
.
.
لـِـ تـَكره بـَعــده الموسيقى
و ... رقص الفــالس .!
..